عرب بوست عرب بوست

آخر الأخبار

الأخبار
جاري التحميل ...

المرأة الجنوبية.. صوتٌ في وجه التجويع والتهميش ومطلبٌ مشروع للحياة الكريمة




المرأة الجنوبية.. صوتٌ في وجه التجويع والتهميش ومطلبٌ مشروع للحياة الكريمة


عرب بوست/ تقرير | فاطمة اليزيدي
تُعد المرأة شريكًا أساسيًا في بناء المجتمعات، فهي ليست فقط نصف المجتمع عدديًا، بل هي ركيزة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وفي السياق الجنوبي، كانت ولا تزال المرأة جزءًا لا يتجزأ من النضال الوطني، سواء في ساحات المواجهة أو ميادين العمل أو المواقف الإنسانية الصلبة. ومع تسارع التدهور الاقتصادي وتفاقم الأزمات الخدمية، وجدت المرأة نفسها في مواجهة مباشرة مع واقع قاسٍ يهدد كيانها وكرامتها وحقها في الحياة الآمنة والمستقرة.
في العاصمة عدن، وتحديدًا في ساحة العروض، خرجت آلاف النساء الجنوبيات في وقفة احتجاجية حاشدة، حملن فيها شعارات تطالب بإنهاء ما أسمينه بـ”الحرب الاقتصادية والتجويعية” التي تُمارس بحق أبناء الجنوب، في ظل غياب حكومي واضح وتجاهل مستمر لمعاناة المواطنين، وعلى رأسهم النساء والأطفال.
تأتي هذه الوقفة تحت شعار “راية الجنوب أولاً”، بتنظيم من عدد من الناشطات الجنوبيات من مختلف التخصصات والانتماءات: أكاديميات، سياسيات، نقابيات، وعسكريات، لتوصيل صوت المرأة الجنوبية الذي ظل مهمشًا رغم التضحيات التي قدمتها عبر مختلف المراحل. هذه الوقفة لم تكن فقط فعلاً احتجاجيًا، بل تأكيدًا على وعي نساء الجنوب بحقوقهن السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإصرارهن على انتزاع هذه الحقوق مهما بلغت التحديات.
أصوات نسائية تطالب بالحياة الكريمة:
خلال تغطية “عدن 24” للوقفة، تحدثت الدكتورة انتصار خميس، الأكاديمية والناشطة السياسية، قائلة: “نحن نطالب بأبسط الحقوق، مثل الحصول على الكهرباء والماء والخدمات الصحية. هناك أطراف خفية تحاول جرّ الشارع الجنوبي إلى الفوضى عبر سياسة التجويع والإفقار، وهذا كله انعكاس لفشل الحكومة وفسادها المستشري”. وأضافت: “لدينا في الجنوب ثروات كبيرة، لكنها منهوبة، ونحن مستعدون للتصعيد إذا لم تتم الاستجابة لمطالبنا”.
من جهتها، أكدت الدكتورة أميمة، أستاذة القانون في كلية الحقوق، أن الوقفة جاءت للتنديد بالفساد والمطالبة بالخدمات الأساسية. وقالت: “هناك حرب معيشية ممنهجة تُمارس ضد شعب الجنوب من قبل جهات محسوبة على الشرعية، هدفها إيصال الجنوب إلى حافة الانهيار. نحن هنا للمطالبة بحقوقنا تحت راية الجنوب، لا لمهاجمة أي مكون، بل للضغط على الجهات المعنية لتوفير الراتب والكهرباء والماء، وهي أساسيات الحياة”.
أما امتثال إبراهيم، إحدى المواطنات المشاركات، فقالت بغضب: “دخلنا الساحة اليوم لنطالب بحقوقنا. نريد ماءً وكهرباءً وراتبًا. نريد أن نعيش بكرامة في محافظاتنا المحررة. وإذا لم تتم تلبية مطالبنا، فإننا سنصعّد وسنواصل احتجاجاتنا حتى تغيير الحكومة العاجزة عن تأمين أبسط مقومات الحياة”.
تحذيرات من انهيار وشيك:
بدورها، حذرت الدكتورة زينب القيسي، ممثلة المرأة والشباب والطفولة بوزارة الصحة، من مؤشرات انهيار صحي واقتصادي خطير يهدد حياة المواطنين، خاصة في ظل انقطاع الكهرباء وارتفاع درجات الحرارة. وقالت: “هناك مرضى يموتون في منازلهم بسبب انعدام الخدمات. نطالب بخفض الأسعار، وتحسين الاقتصاد، وإشراك المرأة في اتخاذ القرار السياسي، لأنه من غير المقبول استمرار تهميشها في مؤسسات الدولة”.
من جانبها، أوضحت الدكتورة رانيا خالد، رئيسة منصة المرأة المستقلة، أن الوقفة جاءت كرد فعل على المعاناة اليومية للنساء. وقالت: “نحن هنا كنساء مستقلات، لا نمثل أي جهة سياسية، بل نمثل صوت المرأة المواطنة التي تطالب بخدمات أساسية. نعاني من غياب الرقابة وفساد المؤسسات وارتفاع الأسعار، وهذا ما دفعنا للنزول إلى الشارع”.
وفي السياق ذاته، شددت الأستاذة ضياء الهاشمي، نائبة رئيس الدائرة السياسية بالأمانة العامة، على ضرورة دعم المرأة الجنوبية في مطالبها. وأكدت أن “صبر نساء الجنوب قد نفد، وأن التصعيد الشعبي لن يتوقف حتى تُستعاد الحقوق وتُرفع المعاناة”. وأضافت: “نحن نطالب باستعادة دولتنا الجنوبية، وسنواصل الوقوف إلى جانب المرأة الجنوبية حتى تحقيق العدالة والمساواة”.
في الختام:
تشير هذه الوقفة النسائية إلى حجم الألم والمعاناة التي باتت المرأة الجنوبية تواجهها يوميًا، بين انقطاع للكهرباء والماء، وانهيار اقتصادي متسارع، وغياب كامل للدولة. ومع ذلك، فإن حضور المرأة في الميدان، ومشاركتها الفاعلة في التعبير عن هموم شعبها، يعكس وعيًا عميقًا بدورها المحوري في صياغة مستقبل الجنوب.
إن تمكين المرأة الجنوبية لم يعد ترفًا، بل ضرورة وطنية وإنسانية. فالمجتمع الذي يتجاهل دور المرأة، ويقصيها عن مراكز القرار، هو مجتمع محكوم عليه بالفشل والتراجع. لذلك، فإن إعادة الاعتبار للمرأة الجنوبية، وإعطائها حقوقها كاملة، هو أول الطريق نحو النهوض بالمجتمع الجنوبي ككل، وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.

عن الكاتب

Unknown

التعليقات


اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

عرب بوست