عرب بوست/ عين الجنوب
في ظل الجدل الواسع حول عمل المرأة في السلك العسكري، وتحديدًا ما يُعرف بالشرطة النسائية، يثور الخلاف بين المتشددين الدينيين الذين يرون في عمل المرأة الجنوبية بالسلك العسكري مخالفة شرعية، وبين آخرين يعتبرونه ضرورة ملحّة بل واجبًا شرعيًا؛ لما تتطلبه مؤسسات الدولة الأمنية من مهام لا يمكن أن يؤديها إلا النساء.
فالواقع العملي يفرض الحاجة إلى شرطية تتعامل مع النساء في كثير من المرافق؛ مثل كشف الوجه، أو إظهار الهوية، أو التصوير في الجوازات، وما شابه ذلك من إجراءات تعريف بهوية المرأة. ولهذا أصبح من الضروري وجود شرطة نسائية في جميع المرافق التي ترتادها النساء.
ولتعزيز هذا التوجه، عقد في العاصمة عدن مؤتمر للشرطة النسائية تحت شعار “تعزيز مشاركة المرأة”، منطلقًا من التحديات التي تواجه المرأة، والفرص المتاحة أمامها للمشاركة الفاعلة في المجتمع. ورغم اللغط الواسع الذي رافق هذا الطرح، إلا أن الكفة مالت في النهاية لصالح مشاركة المرأة الجنوبية في الجانب الأمني، لما يواجهه الجنوب من تحديات جسيمة ومحاولات اختراق لمؤسسات الدولة، خصوصًا من جماعة الحوثي وحركة الإخوان المسلمين اللتين تتخذان من الجنوب هدفًا رئيسيًا لهما.
لقد لجأت تلك الجماعات في أكثر من مرة إلى استخدام النساء في أنشطتها التخريبية، بل وكشفت الأجهزة الأمنية خلايا حوثية حاولت دخول عدن بملابس نسائية بهدف إثارة الفوضى. ومن هنا تبرز الحاجة إلى تفعيل دور الشرطة النسائية بشكل أكبر.
كما أن وجود الشرطية أصبح ضروريًا في المطارات، الجوازات، الأحوال المدنية، المحاكم، النيابات، النقاط الأمنية، والمصالح الحكومية كافة. فعند المداهمات الأمنية –ولو بأوامر قضائية– يحدث ارتباك إذا كان في المنزل نساء، خصوصًا في مجتمع محافظ قد يرى الآباء أو الأزواج حرجًا في كشف وجوه نسائهم أمام رجال الأمن. وهنا يبرز دور الشرطية في تسهيل الإجراءات دون إثارة حساسيات اجتماعية.
إلى جانب ذلك، فإن وجود الشرطة النسائية يسهم في كشف كثير من القضايا مثل السرقات التي ترتكبها بعض النساء بزي الحجاب، أو استغلاله في تهريب المخدرات، أو حتى التمويه في أعمال منحرفة تستغل الأعراف الاجتماعية.
إن المرأة الجنوبية تواجه تحديات مجتمعية كبيرة، إذ ما زال البعض يرى في عملها عيبًا، خصوصًا في القطاع الأمني. لكن مع التوعية المجتمعية وبيان المزايا التي يجنيها المجتمع من وجود الشرطة النسائية، يمكن تغيير هذه النظرة، خصوصًا إذا التزمت الشرطيات بالضوابط الشرعية.
ومن هنا، يتضح أن وجود الشرطة النسائية ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة شرعية ووطنية لخدمة المجتمع وتعزيز أمنه واستقراره.