عرب بوست
الجنوب حاضر اليوم في كل المحافل الدولية، ومنها أعلى مراكز القرار في العالم، الأمم المتحدة. ففي دورتها الثمانين استضافت منصة الأمم المتحدة كأرفع منبر دولي الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الأمر الذي يؤكد أن قضية شعب الجنوب لم تعد حبيسة الداخل أو مجرد قضية محلية، بل أصبحت مطروحة على الطاولة الدولية، حاضرة في الخطاب، ومحل اهتمام القوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.
إن هذا الحضور الجنوبي المتمثل في شخصية الرئيس الزُبيدي يعكس انتقال القضية من الإطار المحلي إلى فضاء العالم، حيث بات القائد رمزاً دولياً في معادلة القرار السياسي العالمي، حاملاً تطلعات شعبه في الحرية والاستقلال، وناقلاً معاناته المستمرة منذ عقود إلى المحافل الأممية. ويأتي ذلك في ظل أهمية الجنوب الاستراتيجية التي تتجسد في موقعه الفريد على البحر الأحمر وامتلاكه أهم الممرات الدولية، وفي مقدمتها مضيق باب المندب، ما يجعل الجنوب نقطة فارقة في الأمن البحري العالمي، وشريكاً فاعلاً في مكافحة الإرهاب وضمان سلامة خطوط الملاحة الدولية.
إن وجود الجنوب في أروقة الأمم المتحدة ليس حدثاً عابراً، بل محطة مفصلية تعزز من فرص التواصل مع المنظمات والهيئات الدولية ومراكز صنع القرار في العالم، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، بما يفتح آفاقاً واسعة للشراكة والتعاون في مواجهة التحديات الأمنية والإرهابية التي تهدد المنطقة برمتها، وعلى رأسها دول الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، التي تتعرض لمحاولات اختراق وتسلل من قبل الحوثيين والإخوان، سواء عبر تصدير المخدرات أو تشكيل الخلايا الإرهابية. وهنا تتجلى أهمية الجنوب كحائط صد متين في وجه التمدد الفارسي، وكركيزة للاستقرار والأمن الإقليمي والدولي.
إن هذا التواجد الجنوبي في الأمم المتحدة يحمل رسائل بالغة الدلالة للداخل والخارج، فهو تأكيد على أن قضية الجنوب لم تعد مهمشة أو مطوية في الهامش المحلي، بل صارت حاضرة بقوة في أعلى المستويات العالمية. وللداخل، يبعث هذا الحضور برسالة ثقة واعتزاز بأن المجلس الانتقالي الجنوبي بات رقماً دولياً، وأن صوت الجنوب أصبح مسموعاً لدى الدول الكبرى، وأن ملفه بات قريباً من نيل اعتراف دولي يعجل بقيام الدولة المستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها عدن.
وبينما يستعد شعب الجنوب لإحياء الذكرى الثانية والستين لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، والذكرى الثامنة والخمسين لاستقلال الثلاثين من نوفمبر، فإن هذا الحضور الأممي يمثل دفعة قوية لكل الجنوبيين للاحتشاد والتعبير عن إرادتهم، وإرسال رسالة واضحة للعالم أجمع بأن الجنوب العربي قادم ليستعيد دولته، ويثبت مكانته المستحقة في الخارطة الإقليمية والدولية.